الحركة
الحركة فعل أو حدث ينتج عن تغير موضع جسم ما في الفراغ، وهي نسبية وليست مطلقة. ويمكن لجسم ما أن يكون في حالة حركة بالنسبة لجسم آخر، بينما يكون ساكنًا بالنسبة لجسم ثالث. فَعَلى سبيل المثال، هب أنك تركب قطارًا، وتمرّ بشخص ما يقف بجوار سكة القطار، هذا الشخص سوف يراك، كما يرى جميع من بالقطار، في حالة حركة، بينما يراك الشخص الجالس إلى جوارك بالقطار ساكنًا بالنسبة له.
وكل مكوِّنات هذا الكون في حالة حركة. فبينما تجلس لقراءة هذه الصفحة، فإنك في واقع الأمر تتحرك بسرعة عالية لأن الأرض تدور حول محورها، كما أنك تدور مع الأرض في دورانها حول الشمس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشمس والأرض وباقي كواكب مجموعتنا الشمسية مشتركة في الدوران العام حول مركز مجرتنا وفي حركة المجرة في هذا الكون.
يُسمّى فرق الحركة بينك وبين الجسم الذي تنظر إليه الحركة الظاهرية. فلو افترضنا أنك تركب سيارة، بينما تتحرك سيارة أخرى أسرع قليلاً من سيارتك. فإنك سوف تراها كما لو كانت متحركة حركة ظاهرية محدودة بالنسبة لسيارتك، وفي هذه الحالة، تصبح سيارتك هي إطار الإسناد (أو الإطار المرجعي).
ويوجد شكلان مهمان للحركة يسمى أحدهما الحركة المستقيمة، حيث تتحرك الأجسام في خطوط مستقيمة. وتحدث هذه الحركة عادة عندما تتحرك الأجسام حركة حرة طليقة. أما الحركة الثانية التي تتم على مسار متعرج فإنها تسمى الحركة المتعرِّجة، وفيها تُدفع الأجسام جانبًا بوساطة قوى.
خصائص الحركة
الحركة تفسير بلغة السرعة، والتي تقيس المدى الذي بلغه الجسم المتحرك في فترة زمنية معينة. فإذا كانت السيارة الموضحة أعلاه تتحرك بسرعة 15 مترًا في الثانية، فإنها تكون قد بلغت 30 مترًا في ثانيتين.
السرعة الاتجاهية. يُشار إلى معدل الحركة بالسرعة، بينما تصف السرعة الاتجاهية كلا من سرعة جسم واتجاهه. وعندما تتحرك سيارة على خطٍّ منحنٍ ولا يتغير عداد السرعة، يُقال إن السيارة تتحرك بسرعة ثابتة، بينما تتغير السرعة الاتجاهية لأن اتجاه الحركة يتغير. ويمكن التعبير عن كل من السرعة، والسرعة الاتجاهية بوحدات قياس متعددة توضح المسافة المقطوعة في فترة زمنية. ومن هذه الوحدات: الميل في الساعة، والقدم في الثانية، والسنتيمتر في الثانية. وعندما يكون كل من سرعة الجسم واتجاهه ثابتين، يُقال إن حركة الجسم منتظمة.
التسارع. يحدث التسارع عندما تتغير السرعة الاتجاهية للجسم. والتسارع هو التغير في السرعة الاتجاهية خلال فترة زمنية، ويُمثَّل بوحدات، مثل الكيلومتر في الساعة في الثانية، والمتر في الثانية في الثانية، أو السنتيمتر في الثانية في الثانية. فإذا تحركت سيارة بسرعة 3كم في الساعة في الثانية الأولى، وبسرعة 6كم في الساعة في الثانية التالية، وبسرعة 9كم في الساعة في الثانية الثالثة، فإنها تتحرك بتسارع منتظم مقداره 3كم في الساعة في الثانية، وتكون سرعة السيارة قد زادت بمقدار 3كم في الساعة لكل ثانية من زمن الحركة.
ويسمى النقص في سرعة جسم، مع مرور الزمن، تسارعًا سالبًا أو إبطاءً. مثال ذلك إبطاء السيارة وهي تقترب من إشارات المرور الحمراء. ويمكن أن يكون التسارع والإبطاء متغيرين أو منتظمين.
وأحد أمثلة التسارع المنتظم حالة دحرجة كرة أسفلَ مستوى مائل. تكون قيمة التسارع المنتظم للكرة مساوية لضعف المسافة التي تتدحرج فيها الكرة في الثانية الأولى من الحركة. فالكرة التي تتدحرج مترًا واحدًا في الثانية الأولى يكون لها تسارع مقداره 2م/ث/ث. كما يمكن أيضًا تحديد المسافة التي تقطعها الكرة والسرعة التي تصل إليها بعد فترة زمنية. وتتحدد المسافة من المعادلة:
ف = ½ س ن²
حيث (ف) هي المسافة، (س) هو التسارع، (ن) هو الزمن. أما السرعة (ع) فيمكن إيجادها من المعادلة:
ع = س ن
لذلك، إذا كانت قيمة التسارع المنتظم لكرة س ن، فإنها تكون قد قطعت 4م بعد ثانيتين، وتكون قيمة سرعتها 4م في الثانية.
وبالمثل، إذا تسارعت سيارة بمعدل ثابت قيمته 3م/ث/ث، تصبح سرعتها بعد خمس ثوان 15م/ث، وتكون قد قطعت مسافة 37,5م. وتصبح سرعتها بعد عشر ثوان 30م /ث، وتكون قد قطعت 150م.
ويحدث التسارع المنتظم أيضًا عندما يسقط جسم سقوطًا حرّا في الهواء. وفي هذه الحالة، تعطي جاذبية الأرض تسارعًا منتظمًا يساوي 8,9م/ث/ث. فالكرة الساقطة تحت تأثير الجاذبية الأرضية تقطع 4,9م في ثانية واحدة، وتقطع 19,6 م في ثانيتين. ولكن في حقيقة الأمر لا تسقط الأجسام تمامًا بهذا القدر بسبب مقاومة الهواء. وفي المعادلات التي تتناول تسارع الجاذبية الأرضية، يحل الرمز (جـ) محل الرمز (س).
الاندفاع والطاقة الحركية. يكون الاندفاع (ف) لجسم متحرك مساويًا لكتلته (ك) مضروبة في سرعته(ع)؛ أي ف = ك ع، والجسم الذي له اندفاع تكون له أيضًا طاقة حركية. وتسمى هذه الطاقة غالبًا الطاقة الحركية، وهي طاقة الجسم الناتجة بسبب حركته. وتكون الطاقة الحركية (طح) لجسم مساويًا لنصف كتلته مضروبًا في مربع سرعته. وتكتب العلاقة على النحو التالي:
طح = ½ ك ع²
وعندما تكتب بدلالة اندفاع الجسم تصبح الصيغة:
طح = ½ الاندفاع ع
وتتناسب قيمة الطاقة الحركية لجسم ما تناسبا طرديًّا مع مربع سرعته. فالسيارة التي تتحرك بسرعة 100كم/ الساعة تكون طاقتها الحركية أربعة أمثال طاقتها الحركية عند سرعة 50كم/الساعة. وهذه الزيادة في الطاقة الحركية تجعل تصادمات الأجسام عالية السّرعة أكثر خطورة من تصادمات الأجسام منخفضة السرعة. وعندما يصطدم جسم متحرك بآخر يحدث انتقال للطاقة وللاندفاع. وتسمى الطاقة المنتقلة من الجسم المتحرك الطاقة التأثيرية. ويكون للأجسام المتحركة بسرعة عالية طاقة تأثيرية كبيرة إذا اصطدمت بأجسام أخرى.
وإذا أثَّرت قوى على الأجسام لفترة من الزمن، فإن هذه الأجسام تكتسب اندفاعًا، وطاقة حركية. وكلما زاد زمن التأثير زادت قيمة الاندفاع، وقيمة الطّاقة الحركيّة. وفي رياضات مثل كرة المضرب، والجولف، يتابع اللاعبون الكرة بمضاربهم، بحيث تؤثّر القوة على الكرة أطول وقت ممكن. ونتيجة لذلك، تتحرك الكرة أسرع، ويكون لها اندفاع أكبر وطاقة حركية أكبر.
كيف يؤثر الاحتكاك على الحركة
إذا دحرجنا كرةً على الأرض، نلاحظ أنها تُبطئ في حركتها حتى تقف، بالرغم من عدم وجود قوة ظاهرة مؤثّرة عليها. والذي سبَّب التَّباطؤ، ثم التوقُّف هو الاحتكاك، أي مقاومة الحركة. ويعتبر الهواء من أكثر أسباب الاحتكاك شيوعًا، لذلك يتم تصنيع هياكل السيارات، والطائرات بشكل انسيابي حتى تتحرك بسهولة أكثر خلال الهواء.
ولكن الاحتكاك يمكن أن يكون من العوامل المساعدة على الحركة. فبدونه لا يُمكن للناس أن يمشوا على الأرض، بل ينزلقون. كما لا يمكننا ربط لوْحين بمسمار أو ربط أجسام معدنية بالمسمار الحلزوني إلا في وجود الاحتكاك الذي يمنعها من الانزلاق. وعندما تضغط على كوابح السيارة أو الدراجة، فإن الاحتكاك هو الذي يُبطئ الإطارات.
وفي حالات كثيرة، نحاول تقليل الاحتكاك بجعل أسطح الأجسام تتحرك بسهولة أكثر على بعضها. فعملية صقل الأسطح، أو وضع مادة، مثل زيت التشحيم بين سطحين جامدين تقلل من الاحتكاك. وتقوم الأجسام التي تدور حول محور، مثل المرفاع، ومُحَمِّل الكريات، والبكرات، بتقليل الاحتكاك كثيرًا. وهي تجعل دفع الأجسام الثّقيلة والكبيرة، مثل الأسِرَّة والسيارات، سهلاً.
قوانين الحركة لنيوتن
في القرن السابع عشر الميلادي، اقترح عالم الرياضيات الإنجليزي السير إسحق نيوتن ثلاثة قوانين للحركة، وقد مكَّنت هذه القوانين العلماء من وصف مجموعة كبيرة من الحركات. وفي الحقيقة كان العلماء العرب قد سبقوه في الإشارة إلى واحد من هذه القوانين الثلاثة. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الفيزياء).
القانون الأول. ونصه: "كل جسم يبقى على حالته، من حيث السكون أو الحركة بسرعة منتظمة في خط مستقيم، ما لم تؤثرِّ عليه قوة تُغير من حالته". وهذا يعني أن الجسم الساكن سوف يظل ساكنًا ما لم تؤثر عليه قوة تحرِّكه. ويُطلق على قانون نيوتن الأول مبدأ القصور الذاتي. والقصور الذاتي خاصية المادة التي تعبر عن استمرارية الحركة إذا كان الجسم متحركًا، أو استمرارية السكون، إن كان ساكنًا. والقوى التي تُغيِّر حركة الجسم يجب عليها أن تتغلّب أولاً على القصور الذاتي له. وكلما كانت كتلة الجسم كبيرة، كان من الصعوبة بمكان تحريك الجسم أو تغيير سرعته. ويُفيد القصور الذاتي في قياس صعوبة تحريك الأجسام. انظر: القصور الذاتي.
القانون الثاني. ونصه: "يتناسب التسارع المتولد في الجسم مع القوة المحدثة له، ويكون في اتجاهها". وهو بذلك يصف كيفية تغيير الجسم لحركته عند تأثير قوة عليه. ويعتمد مقدار تغيير الحركة على مقدار القوة المؤثرة، وكتلة الجسم. فإذا زادت الكتلة، قلّ مقدار تغيير حركة الجسم، والعكس صحيح وذلك عند التأثير بقوة معينة على الجسم. ولذا ففي حالة تأثير القوة نفسها على جسمين، فإن تغيير حركة الجسم الأقل وزنًا يكون أكثر. وينص قانون نيوتن الثاني أيضًا على أن تأثير قوّة معينة يكون دائمًا في اتجاهها؛ فإذا دُفع جسم صوب الغرب، مثلاً، فإنه يتحرّك في هذا الاتجاه وليس الاتجاه المضاد. ويُكتب قانون نيوتن الثاني على النحو التالي:
ق = ك ت
حيث (ق) هي القوة المؤثرة، و(ك) الكتلة، و (ت) التسارع. ويستخدم العلماء هذه العلاقة لوصف حركة جميع أنواع الأجسام.
وتبعَا لقانون نيوتن الثاني، تتسبب القوى في إحداث تغييرات في حركة الأجسام. لنفترض أنّ شخصًا أطلق رصاصة من ماسورة بندقيّة في اتجاه أفقي، فحسب قانون نيوتن الأول، فإن الرّصاصة تستمر في الحركة في خط مستقيم للأبد ما لم تؤثّر عليها قوىً، ولكن جاذبية الأرض تؤثرِّ على الرصاصة وتسقطها نحو الأرض. يحدث هذا السُّقوط لأن قوة الجاذبية تجذب الرصاصة إلى أسفل، في اتجاه عموديّ على اتجاه الحركة.
إذا أطلقت الرصاصة أفقيًا من ارتفاع 4,9م فوق سطح الأرض، فإن الرصاصة سوف تتسارع بوساطة الجاذبية، وتصطدم بالأرض بعد ثانية واحدة ـ وهو الزمن الذي يستغرقه جسم ساقط من الارتفاع نفسه سقوطا حُرّا نحو الأرض. وبسبب الجاذبية، حُدِّد للبنادق والمدافع مدى مُعيَّن لإصابة الهدف، كما يجب أن تُطلق الرصاصات في اتجاه أعلى قليلاً لزيادة المدى ولتعويض مسافة السقوط.
القانون الثالث. ينص على أنه "لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه". فَعَلى سبيل المثال، عندما تتسرب الغازات من محرك الصاروخ أثناء الإقلاع، فإن الصاروخ يُدفَع إلى أعلى. تتسبب حركة الغازات المندفعة إلى أسفل في توليد ردِّ فعل يدفع الصاروخ إلى أعلى. ويمكِّن رد الفعل الصاروخ من التغلب على مقاومة الهواء، والصعود إلى الفضاء. وتوجد أمثلة أخرى كثيرة على قانون نيوتن الثالث. فعند انطلاق رصاصة من بندقيّة، يكون إطلاق الرّصاصة هو الفعل، وارتداد البندقيّة إلى الوراء هو ردّ الفعل، وينشأ كلاهما عن تمدُّد الغاز نتيجة تفجُّر البارود. كذلك دوران مرَشَّات العُشب في اتجاه رذاذ الماء في الاتجاه المضاد.
أحيانًا يكون من الصعوبة بمكان التعرف على ردّ الفعل. فعندما تقذف كرة نحو حائط، ثم ترتدّ الكرة، فإننا لا نرى الحائط يتحرك في الاتجاه المضادّ. ولكن هناك حركة صغيرة للمساحة التي ضُرِبَت من الحائط. وإذا ارتدّت الكرة من الأرض، فإن الكرة الأرضية تتحرّك في الاتجاه الآخر، ولكن لأن كتلة الأرض كبيرة للغاية، فإن هذه الحركة تكون ضئيلة جدًا ولا نستطيع أن نميزها.
نوفـــــ جنات ـــــــل